"قصيدة ليست مجرد كلمات"

السبت, 08.02.20, 19:30

السبت, 22.08.20

مُتاح

لمعلومات إضافية:

04-6030800

شارك

في الصين، تم تطوير رموز الكتابة المرسومة، وكانت الكتابة جزءًا لا يتجزأ من الفن وخاصة الرسم. في قاموس اللغة الصينية من القرن الأول قبل الميلاد، مكتوبة الكلمتين "كتابة" و"رسم" بنفس رمز الكتابة. يصف هذا الرمز يدًا تحمل فرشاة ترسم خطوط إحاطة لحقل. كما تُستخدم العديد من خطوط فن الكتابة في الرسم. اعتمد اليابانيون خط الرموز الصينية في القرن السادس الميلادي. اليوم أيضا، تعني الكلمة اليابانية كاكو (kaku) "الرسم" أو "الكتابة"، على الرغم من أنهما مكتوبتان برمزين مختلفين. لذلك فإن فن الخط والرسم بينهما علاقة وثيقة في الصين واليابان.

بالفعل في رسمات الحبر المبكرة، كان من المعتاد إضافة غاسن (gasen; كتابة). الغاسن هو نثر أو شعر أصلي، أو اقتباس من الأدب أو الشعر الكلاسيكي. في العديد من الحالات، تكون الكتابة هي إضافة لصديق أو مُعجب للرسام وأحيانًا بواسطة الرسام نفسه. في نهاية الغاسن، عادة ما يظهر توقيع وختم مؤلف القصيدة. اعتاد معلمو الزن أن يضيفوا إلى الرسمة غاسن فيه كلمات تشجيع لطلابهم. أعطيت الرسمة لهم تكريما لإنجازاتهم.

في أوائل القرن الخامس عشر، كانت الشيغاجيكو (shigajiku; لفائف من الشعر-الرسم) واحدة من وسائل التعبير الرئيسية في اليابان. عادة ما كانت هذه لوحات لمناظر طبيعية التي أدمجت القصائد فيها. تطورت الشيغاجيكو حول خمسة معابد الزن الجبلية (gozan) في كيوتو. الشيغاجيكو الشهيرة بشكل خاص، هي رسمة راهب الزن جوسيتسو (Josetsu; نشط 1386؟ - 1428؟) ’صيد قرموط بواسطة يقطينة’، وهي موجودة في مجموعة معبد تايزواين (Taizôin). في الجزء العلوي من اللوحة كتابة قصائد لثلاثين من رهبان الزن. العديد من اللوحات المنسوبة للفنان شوبون (Shûbun; نشط 1414-1463)، من بداية فترة موروماتشي (Muromachi; 1333-1573) تحتوي هي أيضًا على كتابات لرهبان زن.

الشيغاجيكو (shigajiku) أو الشوساي-زو shosai-zu)) هي عبارة عن لفائف مرسومة تصور رهبان الذين يدرسون في أكواخ أو أديرة معزولة، وفي أعلاها مكتوبة قصيدة. السوبتسوجيكو (sobetsujiku) هي أيضا لفائف التي تجمع بين اللوحة والقصيدة. تعبر هذه اللفائف عن حزن الانفصال ويمكنها ربطه بالعائلة أثناء مغادرته المنزل لوهب حياته للرهبنة. عندما سافر الفنان     الياباني سيشو (Sesshû; 1506-1420) إلى الصين رسم مناظرها الطبيعية وفقًا لانطباعاته الشخصية، انقطعت العلاقة بين لوحات الحبر وأديرة الزن والأدب وبدأت أيضًا في الظهور رسمات أكثر دون كتابة.

الشعر يرافق اليابان منذ فجر حضارتها. مسبقا في الملحمة التاريخية كوجيكي (Kojiki; سجلات الأشياء القديمة)، التي تم تحريرها في القرن الثامن الميلادي، قد تضمنت قصائد. تم تجميع أول مجموعة القصائد في اليابان، المانيوشو (Manyôshû; مجموعة آلاف الأوراق)، في أواخر القرن الثامن بها أكثر من أربعة آلاف قصيدة. تتكون قصائد المانيوشو من وحدات قصائد ذات خمس أو سبع مقاطع. بعضها قصير (خمس أو ست وحدات قصائد) وبعضها طويل. بعد فترة المانيوشو، اختفت القصائد الطويلة والتانكا (tanka; قصيدة قصيرة)، والتي تسمى أيضًا واكا (waka; قصيدة يابانية)، أصبحت الشكل المقبول للقصيدة اليابانية. في قصيدة التانكا واحد وثلاثين مقطعا لفظيا (7-7-5-7-5). عادة لا تكون مُقفاه ولها صورتان: وصف الطبيعة ووصف مشاعر الشاعر. في فترة هييان (Heian; 1185-794) عُقدت المسابقات الشعرية في بلاط الإمبراطور، وبأمره، نُظمت مجموعات شعرية مثل الكوكينشو (Kokinshû; مجموعة شعر ياباني القديم والجديد، 905). في ذلك الوقت، تمت إضافة إلى التناكا التقليدية أيضًا شكل القصيدة الصينية (kanshi). عدد المقاطع في كل عمود من القصيدة الصينية ثابت (أربعة، خمسة، سبعة، ثمانية مقاطع أو أكثر) وليس هناك أي علاقة إنشائية بين الأعمدة، والتي يكون معظمها مُقفى. تطورت قصيدة الهايكو (haiku)، التي تحتوي على سبعة عشر مقطعًا صوتيًا فقط (5-7-5)، في القرن السادس عشر. الهايكو هي نسخة مختصرة من التانكا، التي تتخلى عن الجزء الشاعري للشاعر التي تحتوي فقط على صور طبيعة تصف ضمنياً المشاعر، الأفكار أو الحالة المزاجية. إلى جانب التانكا والهايكو، تطور أسلوبان آخران من الشعر: الكيوكا (kyôka; قصيدة مجنونة)، قصيدة تانكا هزلية، والسينريو (senryû; على اسم الشاعر كاراي سينريو، 1718-1790)، قصيدة هايكوساخرة، ولكنها غالباً أقصر. أصبحت النسخة الهزلية من التانكا شائعة للغاية في القرنين السابع عشر والثامن عشر في كيوتو ثم في إيدو. تعتمد الكيوكا بشكل كبير على ألعاب الكلمات، المعاني المزدوجة والمقارنة مع الشعر الكلاسيكي. لكنها تفتقر إلى النكهة البلدية البسيطة التي تميز السينريو. ظهرت مختارات الكيوكا الأولى في كيوتو حوالي عام 1760. كان الشعر الصيني ونسخته الفكاهية، الكيوشي (kyôshi; القصيدة الصينية المجنونة)، منتشر أيضًا باسم جاسن.

خلال فترة إيدو (Edo; 1868-1603) بدأت اللوحات والقصائد في الظهور في المطبوعات الخشبية من النوع الأوكيو-إ (ukiyo-e; صور من العالم العائم). على الرغم من أن الأوكيو-إ كان يعتبر فنًا شعبيًا، إلا أنه كان لديه تقارب قوي للثقافة اليابانية الكلاسيكية. انعكس هذا التقارب في إدراج قصائد تانكا الكلاسيكية في هذه اللوحات والمطبوعات. وصفت العديد من المطبوعات محتوى القصيدة أو ظروف كتابتها. أيضا الأدب الياباني الكلاسيكي مزين بالشعر. تُصوِّر العديد من الرسوم التوضيحية في مطبوعات ’العالم العائم’ المصادر الكلاسيكية والقصائد المذكورة فيها. حلقات من "قصة إيسه" (القرن العاشر) وُصفت فيها قصائد أريفارا نو ناريهيرا (880-825) في المطبوعات الخشبية.

معظم المطبوعات الخشبية القديمة كانت باللونين الأبيض والأسود وكان موضوعها هو ممثلو الكابوكي أو المحظيات. عادة ما تظهر القصائد في هذه المطبوعات بدون توقيع الشاعر، وبالتالي يمكن أن تُنسب إلى الممثلين أو المحظيات الموصوفين فيها. في حالات أخرى، كان الربط بين قصيدة ورسمة يرجع إلى الحاجة إلى ذِكر حدث خاص، مثل ذِكر أول ظهور لممثل كابوكي أو آخر في مدينة إيدو، تغيير اسم الممثل، أو ظهور ضيف خاص. تم تصميم معظم هذه المطبوعات من قبل فنانين من مدرسة توري (Torii).

كان الشعر جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية في مدينة إيدو (Edo; طوكيو اليوم) وأبناء جميع الطبقات، من الساموراي حتى المحظيات، كتبوا الشعر. أدى ولعهم بالشعر إلى إنشاء العديد من نوادي الشعراء ومجموعات شعراء كثيرة. على سبيل المثال، نشأت في إيدو عام 1769 مجموعة من الشعراء الذين كانوا يجتمعون ويكتبون الشعر معًا. في هذه المجموعة شارك الشاعران كاراجورومو كيسشو (Karagoromo Kisshû; 1743-1802) ويومو نو أكارا (Yomo no Aka; 1749-1823) والمعروف باسم قلمه أوتا نامبو; (Ôta Nampo). هكذا تم إنشاء نادي الكيوكا (kyôka; قصيدة هزلية). في كثير من الأحيان اعتاد الشعراء دعوة رسام لرسم صور لموضوع تم اختياره لكتابة القصائد. هذه هي بداية السوريمونو (surimono; شيء مطبوع)، بطاقات تحية أو دعوات لعروض أدائية والحفلات الموسيقية. قام معظم الفنانين الذين صمموا مطبوعات سريمونو بتأليف قصائد وكانوا ينتمون إلى أندية شعراء كهذه. كتب الشاعر كيشو في مذكراته أن كل شاعر اعتاد أن يحمل معه منشفة أو مروحة مزينة كتب عليها قصيدة لحضور اجتماعات الشعراء. في الستينيات من القرن الثامن عشر، كانت الكيوكا تحظى بشعبية كبيرة في إيدو. قام العديد من الشعراء والفنانين والتجار بتأليف كيوكا، وكان لها تأثير كبير على الفن الشعبي في ذلك الوقت.

أحد الابتكارات في فترة إيدو كانت الرسوم التوضيحية لمجموعات الشعر. أشهرها "مائة قصيدة لمائة شعراء" (Hyakunin isshu). من عام 1835-1838، نشر هوكوساي سلسلة "مائة قصيدة لمائة شعراء كما فسَّرتها مُرضعة". كانت المُرضعة امرأة غير متعلمة. يمكن أن نستنتج من ذلك أن هوكوساي تعامل مع الموضوع بروح الدعابة.

سلسلة أخرى من المطبوعات الشهيرة التي تضم الشعر هي "ثمانية مشاهد لأومي" (Ômi hakkei) من تأليف أوتاجاوا هيروشيجا Utagawa Hiroshige); (1858-1797. قد يكون مصدر الإلهام لهذه المطبوعات هو سلسلة لوحات صينية، التي ظهرت في القرن الحادي عشر وتصور "ثمانية مشاهد للنهرين سياو (Xiao) وسيانغ (Xiang)" وكتبت عليها قصائد راهب زن. في اليابان أيضًا، بدأ تقليد مماثل في فترة هييان، يصف "صور الأماكن الشهيرة" (meisho-e). ’أومي’ هي المنطقة القريبة من بحيرة بيوا في اليابان. يعتقد البعض أن كونوي ماساي (Konoe Masaie; 1444-1505) وابنه هيساميتشي (Hisamichi; 1472-1544) هم من اختاروا المواقع للسلسلة وقاموا بتأليف القصائد. لكن معظم الباحثين يعتقدون اليوم أن القصائد كتبت من قبل الخطاط الشهير كونوي نوبوتادا (Konoe Nobutada; 1565-1614). في إنمان-إن (Enman'in)، في معبد مييدره (Miidera)، توجد شاشتان قابلتان للطي تعرضان رسمات تصور مشاهد أومي مع القصائد التي أضافها نوبوتادا. تعتبر الشاشات القابلة للطي أقدم الأعمال فيها هذا الموضوع. في بداية القرن السابع عشر، كان الموضوع جزءًا من مراجع مدرسة كانو (Kano)، التي خدمت الإدارة العسكرية، ومدرسة توسا (Tosa)، التي عمل فنانوها في البلاط الإمبراطوري.

واحدة من الأوصاف المبكرة لـ "ثمانية مشاهد أومي" في مطبوعات الأوكي-إ هي للفنان نيشيمورا شيجيناجا (Nishimura Shigenaga; 1697? – 1756)، الذي صمم أربع مجموعات من المطبوعات حول هذا الموضوع. ربما كان إيشياما (Ishiyama) المكان الأكثر شعبية الموصوف في هذه السلسلة، لأنه وفقًا لتقاليد موراساكي شيكيبو (Murasaki Shikibu)، كتبت ’قصة جينجي مونوجاتاري‘ (Genji monogatari; اكتملت في عام 1008) في المعبد الموجود هناك. في مطبوعة كونيوشي، تظهر القاعة الرئيسية للمعبد، المطلة على بحيرة بيوا، وقمر بدر يظهر بين السحب. فيما يلي القصيدة: "إيشياما! / القمر الساطع / فوق خليج نيهو / ما هو إلا هذا / في سوما وأكاشي".

يمكن للشاعر أن يرى بقلبه موراساكي في المعبد في إيشياما، تراقب القمر وهو يتلألأ على وجه بحيرة بيوا. يضيء هذا القمر أيضًا على سوما، بالقرب من ميناء أوساكا، وعلى بحر أكاشي، بالقرب من البحر الداخلي، حيث نُفي الأمير جينجي، بطل قصة جينجي.

لم يقتصر الفنانون اليابانيون على وصفهم "مشاهد أومي الثمانية". وصفوا أيضا سلسلة من ثمانية مشاهد شهيرة في مقاطعات أخرى في اليابان. واحدة منهم كانازاوا. يعرض المعرض مطبوعة "قمر الخريف في ستو" من هذه السلسلة.

كما كانت أنهار تاماغاوا الستة (Tamagawa; "أنهار الحُلي") موضوعًا شائعًا في اللوحات والمطبوعات الخشبية. كل واحد له علاقة بمشهد أو نشاط خاص الذي حدث في المكان. على سبيل المثال، في المطبوعة التي تصف ’تيتسوكوري نو تاماجاوا’ ((Tetsukuri no Tamagawa، تلمح القصيدة إلى جودة مياه النهر، الذي في الطريق إلى المعبد في جبل كويا ((Koya: "ينسى التحذير / وعلى الرغم من الطعم المر / المسافر إلى أوكونو في تاكانو / (يرتشف) / من مياه نهر تاماجاوا ".

يبدو أن تقدير الأنهار قد تأثر بنوعية مياهها. على طول النهر كان هناك تحذيرا بمنع شُرب الماء من النهر لأن الحشرات السامة تلوثه. وبالتالي، فإن القصيدة تقترح على المسافر تذوق الماء قبل شربه.

يمكن أن تجد في المطبوعات والرسمات أيضًا قصائد موت. على سبيل المثال، يظهر في مطبوعة تيوكوني الثالث بورتريه للفنان أوتاجاوا هيروشيغا. يشتمل النص الموجود في الجزء العلوي من المطبوعة على سيرة الفنان الذاتية، كتبها الكاتب وشاعر الكيوكا تنميي روجين (Tenmei Rôjin)، وعلى اليسار تظهر قصيدة موت للفنان: "أنا أترك / فرشاة التلوين في الشرق، / سماء السفر، / اتشوق لرؤية / الأرض - الغربية المعروفة". في ’الشرق’ تقع مدينة إيدو، حيث يعيش هيروشيغا. ’ الأرض الغربية’ هي المكان الذي توجد فيه، حسب المعتقد البوذي، الجنة.

في القرن السابع عشر، ظهرت الهييجا (haiga) أيضًا، مزيج من قصيدة الهايكو ورسم الحبر المرسوم بتلقائية. في بعض الأحيان تم تقييم الكتابات المكتوبة على هذه اللوحات أكثر من اللوحات نفسها، مما أدى إلى قطعها عن اللوحة الأصلية وعرضها في لفائف منفصلة.

ترجمتي للقصائد الموجودة في اللوحات والمطبوعات في هذا المعرض هي بأسلوب متحرر من القيود الشكلية للشعر الياباني، لكن الكلمات اختيرت بعناية وتم تعديلها بحساسية. أيضًا، حاولت التأكد من التحديد بدقة موقع الكلمات في القصيدة.

لشراء التذاكر ومزيد من المعلومات يرجى ترك التفاصيل الخاصة بك